دور الأسئلة في التعليم والتفكير والتّعلّم
من الأسباب التي تجعل المعلمين يميلون إلى المبالغة في التركيز على "تغطية المادة" بدلا من "التفكير المتعمق"، افتراضهم بأنه يمكن تدريس الإجابات بمعزل عن الأسئلة. لكن الأسئلة - في واقع الأمر - متعمقة الجذور في التدريس حيث إن جميع الحقائق في المحتوى هي إجابات ضمنية لأسئلة. فمثلاً، عبارة: الماء يغلي عند 100 درجة، هي إجابة عن السؤال "ما درجة غليان الماء ؟"
وبالتالي فإن أية جملة تقريرية في الكتاب المدرسي لا تعدو أن تكون إجابة عن سؤال ما، مما يعني أنه يمكن إعادة كتابة محتوى الكتب المدرسية بصيغة استفهامية بتحويل كل جملة إلى سؤال. وهذا
-على ما أعلم- شيء لم يحدث من قبل، مما يشكل دليلا آخر على المكانة المميزة للإجابات مقارنة مع الأسئلة في المحتوى الدراسي، وسوء تقدير المعلمين لأهمية الأسئلة في العملية التعلمية. إن المحتوى الدراسي الحالي، وفي المستويات الدراسية كافة، يبقي على معظم الأسئلة دفينة في خضم "الإجابات" الغامضة.
الأسئلة توجِّه التفكير
إن ما يوجِّه التفكير ليس الإجابات، بل الأسئلة. فلو لم يطرح مؤسسو علم ما- كالفيزياء أو الأحياء- مجموعة من الأسئلة، لما تطور ذلك العلم أصلا. كما أن أي علم يبقى حيًّا فقط بقدر ما تُطرح فيه أسئلة جديدة تؤخذ على محمل الجد، مما يُشكل القوة الدافعة لعملية التفكير في ذلك العلم. فلكي نفكر في أمر معين أو نعيد التفكير فيه، يتوجب علينا أن نطرح مجموعة من الأسئلة تستثير تفكيرنا.
إن الأسئلة تُحدد المهام، وتعبر عن المشكلات وتصف القضايا. أما الإجابات، فتشير إلى توقف تام لعملية التفكير. ولا يكتسب التفكير حياة مستمرة إلا عندما تُولِّد الإجابة سؤالاً جديدًا يحتاج إلى إجابة.
وهذا هو السبب في أن الطلاب الذين يطرحون الأسئلة هم فقط الذين يفكرون ويتعلمون. ومن الممكن أن نجري امتحانًا للطلاب عن موضوع معين بأن نطلب إليهم أن يكتبوا الأسئلة التي تدور في أذهانهم عن ذلك الموضوع، بما في ذلك الأسئلة التي ستولدها قائمة أسئلتهم الأولى.
إن عدم اختبار طلابنا بالطلب إليهم إعداد قائمة بالأسئلة وبيان أهميتها هو - مرة أخرى- دليل على المكانة المميزة التي نوليها للإجابات بمعزل عن أسئلتها. نطرح الأسئلة لكي نحصل على إجابات توقف التفكير، وليس أسئلة تولّد أسئلة أخرى.
تعزيز المحتوى المتصل
إن تزويد الطلاب بمحتوى متصل ليتذكروا منه، أي تزويدهم بجمل تقريرية ليتذكروها، يشبه الضغط المتكرر على فرامل مركبة وهي متوقفة أصلاً عن الحركة. وهذا شيء مؤسف؛ فبدل ذلك، يحتاج الطلاب إلى أسئلة تعمل على إدارة محركاتهم الفكرية، مثلما يحتاجون إلى توليد أسئلة أخرى من الأسئلة التي نطرحها عليهم لكي يوجهوا تفكيرهم نحو وجهة ما. فالتفكير يكون بلا جدوى ما لم يوجِّهنا نحو وجهة معينة؛ ومرة أخرى، تحدد الأسئلة التي نطرحها وجهة تفكيرنا.
تحرك الأسئلة العميقة تفكيرنا ليغوص في عمق الأشياء، وتدفعنا إلى التعامل مع التعقيد. وتدفعنا الأسئلة الهادفة إلى تحديد مهمتنا. أما الأسئلة المعلوماتية فتدفعنا إلى تفحص مصادر المعلومات إضافة إلى نوعية هذه المعلومات.
وتدفعنا الأسئلة التفسيرية لتفحّص كيفية تنظيمنا للمعلومات أو تحديد معانيها، وتُمكّننا الأسئلة الافتراضية من تفحص الأشياء التي نسلّم بصحتها. أما أسئلة التضمينات فتجعلنا نتتبع مسار تفكيرنا، وتدفعنا أسئلة الآراء ووجهات النظر الشخصية إلى تفحص آرائنا والتفكير بوجهات النظر الأخرى المتعلقة بها.
وتدفعنا الأسئلة المتعلقة بالموضوع إلى التمييز بين ما يرتبط بالسؤال وما لا يرتبط به. أما أسئلة الدقة فتدفعنا إلى تقويم الإجابات، وتمحيص كل ما هو حقيقي وصحيح، بينما تدفعنا الأسئلة المحددة إلى إعطاء التفاصيل الدقيقة على نحوٍ محدد تمامًا. أما أسئلة الاتساق، فتدفعنا إلى تفحص تفكيرنا بحثا عن التناقضات؛ بينما تجعلنا الأسئلة المنطقية نفكر في كيفية تشكيل كلٍّ متكامل من أفكارنا، لكي نتأكد أن هذه الأفكار تُشكّل معًا كلا واحدًا ذا معنى ضمن نظام معقول من الأنظمة.
الأسئلة التقليدية تعكس عقولا مجمدّة
لكن مما يؤسف له أن معظم الطلاب لا يسألون أيًا من هذه الأسئلة التي تستثير التفكير، بل يميلون إلى طرح أسئلة تقليدية مثل: "هل سيكون هذا جزءًا من الاختبار؟"، وهذه أسئلة توحي بعدم رغبتهم بالتفكير. كما أن معظم المعلمين – بدورهم- ليسوا مولِّدين لأسئلة وإجابات، أي أنهم لا ينشغلون بالتفكير أو إعادة التفكير الجدي في المادة الدراسية. لكنهم - بدل ذلك - يستعملون الأسئلة والإجابات التي يولِّدها الآخرون، وتوجد عادة في الكتاب المدرسي.
علينا أن نبادر إلى تذكير أنفسنا باستمرار أن التفكير يبدأ في المحتوى عندما يُولِّد كلٌّ من المعلم والطلاب أسئلة، إن عدم وجود الأسئلة يعني عدم الفهم؛ أما الأسئلة السطحية فتعنى الفهم السطحي، ومعظم الطلاب لا يكون عندهم أية أسئلة، فهم لا يجلسون بصمت فحسب، بل تكون عقولهم صامتة أيضا. من هنا، فإن أسئلتهم تميل فعلاً إلى السطحية وسوء الصياغة، ومعنى ذلك أنهم لا يفكرون -في الغالب– في المحتوى الذي يُفترض بهم أن يتعلموه، أي أنهم، غالبا، لا يتعلمون المحتوى الذي يُفترض بهم أن يتعلموه.
إذا أردنا للتفكير أن يحدث فعلا، فإن علينا استثارته بطرح الأسئلة التي تستثير مزيدًا من الأسئلة. وعلينا أن نتجاوز النمط التقليدي في تفكير الطلاب الذي قد اكتسبوه من سنوات دراستهم السابقة. علينا أن نُنعش العقول التي تكون مجمدة على الأغلب، وأن نُقدم لطلابنا ما يمكن أن نسميه "التفكير الصناعي" أي ما يماثل التنفس الصناعي.
منقول عن منبر التعليم والبحث العلمي التابع للجنة الشعبية العامة للتعليم
من الأسباب التي تجعل المعلمين يميلون إلى المبالغة في التركيز على "تغطية المادة" بدلا من "التفكير المتعمق"، افتراضهم بأنه يمكن تدريس الإجابات بمعزل عن الأسئلة. لكن الأسئلة - في واقع الأمر - متعمقة الجذور في التدريس حيث إن جميع الحقائق في المحتوى هي إجابات ضمنية لأسئلة. فمثلاً، عبارة: الماء يغلي عند 100 درجة، هي إجابة عن السؤال "ما درجة غليان الماء ؟"
وبالتالي فإن أية جملة تقريرية في الكتاب المدرسي لا تعدو أن تكون إجابة عن سؤال ما، مما يعني أنه يمكن إعادة كتابة محتوى الكتب المدرسية بصيغة استفهامية بتحويل كل جملة إلى سؤال. وهذا
-على ما أعلم- شيء لم يحدث من قبل، مما يشكل دليلا آخر على المكانة المميزة للإجابات مقارنة مع الأسئلة في المحتوى الدراسي، وسوء تقدير المعلمين لأهمية الأسئلة في العملية التعلمية. إن المحتوى الدراسي الحالي، وفي المستويات الدراسية كافة، يبقي على معظم الأسئلة دفينة في خضم "الإجابات" الغامضة.
الأسئلة توجِّه التفكير
إن ما يوجِّه التفكير ليس الإجابات، بل الأسئلة. فلو لم يطرح مؤسسو علم ما- كالفيزياء أو الأحياء- مجموعة من الأسئلة، لما تطور ذلك العلم أصلا. كما أن أي علم يبقى حيًّا فقط بقدر ما تُطرح فيه أسئلة جديدة تؤخذ على محمل الجد، مما يُشكل القوة الدافعة لعملية التفكير في ذلك العلم. فلكي نفكر في أمر معين أو نعيد التفكير فيه، يتوجب علينا أن نطرح مجموعة من الأسئلة تستثير تفكيرنا.
إن الأسئلة تُحدد المهام، وتعبر عن المشكلات وتصف القضايا. أما الإجابات، فتشير إلى توقف تام لعملية التفكير. ولا يكتسب التفكير حياة مستمرة إلا عندما تُولِّد الإجابة سؤالاً جديدًا يحتاج إلى إجابة.
وهذا هو السبب في أن الطلاب الذين يطرحون الأسئلة هم فقط الذين يفكرون ويتعلمون. ومن الممكن أن نجري امتحانًا للطلاب عن موضوع معين بأن نطلب إليهم أن يكتبوا الأسئلة التي تدور في أذهانهم عن ذلك الموضوع، بما في ذلك الأسئلة التي ستولدها قائمة أسئلتهم الأولى.
إن عدم اختبار طلابنا بالطلب إليهم إعداد قائمة بالأسئلة وبيان أهميتها هو - مرة أخرى- دليل على المكانة المميزة التي نوليها للإجابات بمعزل عن أسئلتها. نطرح الأسئلة لكي نحصل على إجابات توقف التفكير، وليس أسئلة تولّد أسئلة أخرى.
تعزيز المحتوى المتصل
إن تزويد الطلاب بمحتوى متصل ليتذكروا منه، أي تزويدهم بجمل تقريرية ليتذكروها، يشبه الضغط المتكرر على فرامل مركبة وهي متوقفة أصلاً عن الحركة. وهذا شيء مؤسف؛ فبدل ذلك، يحتاج الطلاب إلى أسئلة تعمل على إدارة محركاتهم الفكرية، مثلما يحتاجون إلى توليد أسئلة أخرى من الأسئلة التي نطرحها عليهم لكي يوجهوا تفكيرهم نحو وجهة ما. فالتفكير يكون بلا جدوى ما لم يوجِّهنا نحو وجهة معينة؛ ومرة أخرى، تحدد الأسئلة التي نطرحها وجهة تفكيرنا.
تحرك الأسئلة العميقة تفكيرنا ليغوص في عمق الأشياء، وتدفعنا إلى التعامل مع التعقيد. وتدفعنا الأسئلة الهادفة إلى تحديد مهمتنا. أما الأسئلة المعلوماتية فتدفعنا إلى تفحص مصادر المعلومات إضافة إلى نوعية هذه المعلومات.
وتدفعنا الأسئلة التفسيرية لتفحّص كيفية تنظيمنا للمعلومات أو تحديد معانيها، وتُمكّننا الأسئلة الافتراضية من تفحص الأشياء التي نسلّم بصحتها. أما أسئلة التضمينات فتجعلنا نتتبع مسار تفكيرنا، وتدفعنا أسئلة الآراء ووجهات النظر الشخصية إلى تفحص آرائنا والتفكير بوجهات النظر الأخرى المتعلقة بها.
وتدفعنا الأسئلة المتعلقة بالموضوع إلى التمييز بين ما يرتبط بالسؤال وما لا يرتبط به. أما أسئلة الدقة فتدفعنا إلى تقويم الإجابات، وتمحيص كل ما هو حقيقي وصحيح، بينما تدفعنا الأسئلة المحددة إلى إعطاء التفاصيل الدقيقة على نحوٍ محدد تمامًا. أما أسئلة الاتساق، فتدفعنا إلى تفحص تفكيرنا بحثا عن التناقضات؛ بينما تجعلنا الأسئلة المنطقية نفكر في كيفية تشكيل كلٍّ متكامل من أفكارنا، لكي نتأكد أن هذه الأفكار تُشكّل معًا كلا واحدًا ذا معنى ضمن نظام معقول من الأنظمة.
الأسئلة التقليدية تعكس عقولا مجمدّة
لكن مما يؤسف له أن معظم الطلاب لا يسألون أيًا من هذه الأسئلة التي تستثير التفكير، بل يميلون إلى طرح أسئلة تقليدية مثل: "هل سيكون هذا جزءًا من الاختبار؟"، وهذه أسئلة توحي بعدم رغبتهم بالتفكير. كما أن معظم المعلمين – بدورهم- ليسوا مولِّدين لأسئلة وإجابات، أي أنهم لا ينشغلون بالتفكير أو إعادة التفكير الجدي في المادة الدراسية. لكنهم - بدل ذلك - يستعملون الأسئلة والإجابات التي يولِّدها الآخرون، وتوجد عادة في الكتاب المدرسي.
علينا أن نبادر إلى تذكير أنفسنا باستمرار أن التفكير يبدأ في المحتوى عندما يُولِّد كلٌّ من المعلم والطلاب أسئلة، إن عدم وجود الأسئلة يعني عدم الفهم؛ أما الأسئلة السطحية فتعنى الفهم السطحي، ومعظم الطلاب لا يكون عندهم أية أسئلة، فهم لا يجلسون بصمت فحسب، بل تكون عقولهم صامتة أيضا. من هنا، فإن أسئلتهم تميل فعلاً إلى السطحية وسوء الصياغة، ومعنى ذلك أنهم لا يفكرون -في الغالب– في المحتوى الذي يُفترض بهم أن يتعلموه، أي أنهم، غالبا، لا يتعلمون المحتوى الذي يُفترض بهم أن يتعلموه.
إذا أردنا للتفكير أن يحدث فعلا، فإن علينا استثارته بطرح الأسئلة التي تستثير مزيدًا من الأسئلة. وعلينا أن نتجاوز النمط التقليدي في تفكير الطلاب الذي قد اكتسبوه من سنوات دراستهم السابقة. علينا أن نُنعش العقول التي تكون مجمدة على الأغلب، وأن نُقدم لطلابنا ما يمكن أن نسميه "التفكير الصناعي" أي ما يماثل التنفس الصناعي.
منقول عن منبر التعليم والبحث العلمي التابع للجنة الشعبية العامة للتعليم
الإثنين نوفمبر 10, 2014 11:44 pm من طرف meme cool
» ترحيب بأعضاء جدد
الأربعاء مايو 07, 2014 9:06 am من طرف انصيره
» ﴿ المورد في الكلام على عمل المولد ﴾
السبت أكتوبر 12, 2013 12:53 pm من طرف عزالدين القطعاني
» ترحيب بعضو جديد
الإثنين أبريل 22, 2013 10:12 pm من طرف انصيره
» المادة تربية إسلامية / الفصل الثاني / الدرس الأوّل عقيدة
الإثنين أبريل 22, 2013 6:44 pm من طرف احمد فؤاد
» ايام لاتنسى
الإثنين أبريل 22, 2013 3:36 pm من طرف احمد فؤاد
» موضوع هام جدا
السبت مارس 30, 2013 8:57 am من طرف المدير العام
» القول السوي في حكم الاحتفال بالمولد النبوي
الثلاثاء يناير 22, 2013 10:39 pm من طرف انصيره
» ترحيب بعضو جديد
الإثنين ديسمبر 31, 2012 8:41 pm من طرف انصيره
» الدعوة خاصه
الإثنين ديسمبر 03, 2012 6:31 pm من طرف المدير العام
» اصدقائي دعونا ننطلق من جديد.
الجمعة نوفمبر 30, 2012 11:27 am من طرف نائب المدير العام
» ترحيب بعضو جديد
الخميس نوفمبر 29, 2012 7:27 pm من طرف انصيره
» ترحيب بعضو جديد
الخميس نوفمبر 29, 2012 7:24 pm من طرف انصيره
» ترحيب بعضو جديد
الخميس نوفمبر 15, 2012 8:49 am من طرف انصيره
» ترحيب بأعضاء جدد
الإثنين نوفمبر 12, 2012 9:24 pm من طرف انصيره